وشفاء التوبة لا يحصل للعبد إلا بالدواء، ولا يقف على الدواء من لا يقف على الداء، ولا يبطل الشيء إلا بضده.
وسبب الإصرار على الذنوب هو الغفلة والشهوة، ولا يضاد الغفلة إلا العلم، ولا يضاد الشهوة إلا الصبر على قطع الأسباب المحركة للشهوة.
ولا يحمل الإنسان على ترك المعاصي والذنوب إلا قوة الإيمان التي يحب بسببها الطاعات والحسنات، ويبغض المعاصي والسيئات، ومعرفة الآيات المخوفة للمذنبين والعاصين، والآيات والأحاديث في مدح التائبين، وذم العاصين، ومعرفة أحوال الأنبياء والصالحين، وما جرى عليهم من المصائب بسبب ذنوبهم، مثل أحوال آدم - صلى الله عليه وسلم - وخروجه من الجنة بسبب معصيته كما قال سبحانه: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (١٢١) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (١٢٢)} [طه: ١٢١، ١٢٢].
ويعرف أن تعجيل العقوبة في الدنيا متوقع على الذنوب، وأن كل ما يصيب العبد من المصائب فهو بسبب جنايته.
والذنوب كلها يتعجل في الدنيا شؤمها في غالب الأمر كما قال سبحانه: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٢٣)} ... [النساء: ١٢٣].
ويذكر ما ورد من العقوبات على آحاد الذنوب كالجلد على شرب الخمر، والرجم والجلد على الزنا، وقطع اليد في السرقة، والقصاص على القاتل عمداً وكذا الكبر والنفاق والحسد والغيبة، وغير ذلك مما لا يمكن حصره.
والتوبة إلى الله من الذنب مركبة من ثلاثة أمور:
علم .. وحال .. وفعل.
أما العلم فهو معرفة ضرر الذنوب، وكونها حجاباً بين العبد وبين كل محبوب، ومعرفة عظمة من عصيته.
فإذا عرف العبد ذلك بيقين غالب على قلبه، ثار من هذه المعرفة تألم القلب بسبب فوات المحبوب.