فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (١١٩)} [النساء: ١١٩].
والله عزَّ وجلَّ عادى هذا الشيطان ولعنه، وأبعده وطرده، وهذا الإنسان يواليه، ويميل إليه، ويطيع أوامره.
فما أعجب حال الإنسان حين يطيع عدوه ويعصي ربه ومولاه.
فأي حرمان فوق هذا؟ .. وأي ضلال بعد هذا؟.
{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)} ... [يس: ٦٠، ٦١].
وقد أمر الله الإنسان بشكره لا لحاجته إليه، ولكن لينال به المزيد من فضله، فجعل كفر نعمه والاستعانة بها على مساخطه من أكبر أسباب صرفها عنه: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (٧)} [إبراهيم: ٧].
أمره الله بذكره ليذكِّره بإحسانه إليه، وجعل نسيانه سبباً لنسيان الله له كما قال سبحانه: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (١٩)} [الحشر: ١٩].
أمر الله الإنسان بسؤاله ليعطيه فلم يسأله، بل أعطاه أجلّ العطايا بلا سؤال، فلم يقبل هدى الله.
فمتى يفيق هذا الإنسان ويؤوب إلى ربه؟.
إنه يشكو من يرحمه إلى من لا يرحمه، ويتظلم ممن لا يظلمه.
إنْ أنعم الله عليه بالصحة والعافية، والمال والجاه، استعان بها على معاصيه، وإن سُلب ذلك سخط على ربه وشكاه إلى خلقه، وهو الظالم لنفسه.
لا يصلح له على عافية ولا على ابتلاء، العافية تلقيه إلى مساخطه .. والبلاء يدفعه إلى كفرانه وجحود نعمته، وشكايته إلى خلقه.
وهذه حال أكثر الخلق الذين لم يهتدوا بهدى النبوة، ولم يعرفوا ربهم ودينه وشرعه.