وقد يكون ما تركه من المأمور الذي يجب عليه في باطنه وظاهره من شعب الإيمان وحقائقه أعظم ضرراً عليه مما فعله من بعض الفواحش.
فإن ما أمر الله به من حقائق الإيمان التي بها يصير العبد من المؤمنين حقاً، أعظم نفعاً من نفع ترك بعض الذنوب الظاهرة كحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتعليم شرعه، والدعوة إليه.
فإن هذا أعظم الحسنات الفعلية، والناس في الغالب لا يتوبون توبة عامة مع حاجتهم إلى ذلك.
فالتوبة واجبة على كل مسلم في كل حال؛ لأنه دائماً يظهر له ما فرط فيه من ترك مأمور، أو ما اعتدى فيه من فعل محظور، فعليه أن يتوب إلى الله دائماً.
والله يحب من عباده أن يتوبوا إليه، وقد أخبر سبحانه أنه يريد أن يتوب على كل من تاب كما قال سبحانه: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (٢٨)} [النساء: ٢٧، ٢٨].
والله رؤوف بالعباد، واسع الرحمة لهم، يقبل التوبة من عباده التائبين من أي ذنب، بل يفرح تعالى بتوبة عبده إذا تاب أعظم فرح يقدر، فمن تاب إليه تاب عليه ولو تكررت منه المعصية مراراً؛ لأنه سبحانه التواب الرحيم.