وأما النوع الثالث فهم أشباه الحيوان، ونفوسهم أرضية سفلية، لا تبالي بغير شهواتها، ولا تريد سواها، فهي مشغوفة بها، مشغولة بها عن مراد ربها، ملازمة لها إلى حين أجلها: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (١٢)} [محمد: ١٢].
وعلامات المحبة قائمة بكل نوع بحسب محبوبه ومراده.
وكمال الإنسان إنما هو بالعلم النافع، والعمل الصالح، وهما الهدى ودين الحق، وبتكميله لغيره في هذين الأمرين كما قال سبحانه: {وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣)} [العصر: ١ - ٣].
فكل أحد خاسر إلا من كمل قوته العلمية بالإيمان، وقوته العملية بالعمل الصالح، وكمل غيره بالتوصية بالحق، والصبر عليه.
وهاتان القوتان لا تتعطلان في القلب، فإن استعمل قوته العلمية في معرفة الحق، والعملية في العمل به، وإلا استعملها في معرفة ما يليق به ويناسبه ويشتهيه من الباطل.
والإنسان من حيث هو إنسان خاسر إلا من رحمه الله فهداه ووفقه للإيمان والعمل الصالح في نفسه وأمر غيره به.
فالإنسان من حيث هو إنسان ظلوم جهول، كفور كنود، عجول قتور، عارٍ عن كل خير من العلم النافع والعمل الصالح، وإنما الله سبحانه هو الذي يكمله بذلك ويعطيه إياه، فكل علم وعدل وخير فيه فمن ربه لا من نفسه، ولا فلاح له إلا بتزكية الله له بالإيمان والعمل الصالح.
فالكمال التام أن يكون الشخص كاملاً في نفسه، مكملاً لغيره، وكماله بإصلاح قوتيه العلمية والعملية.