للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكبرى التي كلفه بها من خلقه واستخلفه.

ألا ما أخطر الغفلة على البشرية!

إن الذي يعيش بلا إيمان بالله، إنما يعيش في بحر الأماني والخوف والاضطراب في كل حين.

وما أشد غرور الكفار حين يعرضون عن ربهم، إنهم يرون أنهم في أمن وفي حماية وفي طمأنينة، وهم يتعرضون لغضب الرحمن، وبأس الرحمن، بلا شفاعة لهم من إيمان ولا عمل يستنزل رحمة الرحمن: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ (٢٠)} ... [الملك: ٢٠].

من الذي ينصرهم من الله غير الله؟ .. ومن الذي يدفع عنهم بأس الرحمن إلا الرحمن؟.

وهذا الرزق الذي يستمتعون به، ويغفلون عن واهبه، وينسون مصدره وخالقه، ثم لا يخشون ذهابه، ثم يلجون في التبجح والإعراض: {أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ (٢١)} ... [الملك: ٢١].

إن رزق البشر وسائر الخلائق كله معقود بإرادة الله في أول أسبابه:

في خلق هذا الكون .. وفي عناصر الجو والأرض .. وهي أسباب لا قدرة للبشر عليها إطلاقاً، فهي أسبق منهم في الوجود، وهي أكبر منهم في الطاقة، وهي أقدر منهم على محو كل أثر للحياة حين يشاء الله.

فمن يرزق البشر إن أمسك الله الماء؟ .. أو أمسك الهواء؟ .. أو أمسك العناصر الأولية التي ينشأ منها وجود الأشياء بإذن الله؟.

وآه للعقول التي لا تفقه، والعيون التي لا تبصر .. والآذان التي لا تسمع.

إنه إذا كان خالق الخلق هو الله، وخالق أرزاقهم هو الله، والحافظ لهم هو الله، وهم عيال على الله في كل ذلك، فما أقبح العتو والإعراض والنفور من العيال في مواجهة المطعم الكاسي، الرازق العائل، وهم خِلْو من كل شيء إلا ما يتفضل به عليهم ربهم، وهم بعد ذلك عاتون معرضون نافرون وقحاء: {فَإِنَّهَا لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>