لا يصدق به إلا من باشر قلبه هذا وهذا.
وقلوب أهل البدع، والمعرضين عن القرآن، وأهل الغفلة عن الله، وأهل المعاصي في جحيم من العذاب قبل الجحيم الأكبر في النار.
وقلوب الأبرار في نعيم في الدنيا قبل النعيم الأكبر في الجنة كما قال سبحانه: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (١٣) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (١٤)} [الانفطار: ١٣، ١٤].
وليس النعيم والجحيم في الآخرة فقط.
بل النعيم والجحيم في دورهم الثلاث كلها:
دار الدنيا .. ودار البرزخ .. ودار القرار في الآخرة.
فهؤلاء الأبرار في نعيم .. وهؤلاء الفجار في جحيم.
وهل النعيم إلا نعيم القلب .. وهل العذاب إلا عذاب القلب.
وأي عذاب أشد من الهم والحزن، والخوف والوجل، وضيق الصدر، وإعراضه عن الله والدار الآخرة، وتعلقه بغير الله، وانقطاعه عن الله.
وكل شيء تعلق به العبد وأحبه من دون الله فإنه يسومه سوء العذاب.
فكل من أحب شيئاً غير الله عذب به ثلاث مرات في هذه الدار.
فهو يعذب به قبل حصوله حتى يحصل، فإذا حصل عذب به حال حصوله بالخوف من سَلبه وفواته أو خرابه، فإذا سُلبه اشتد عذابه عليه.
فهذه ثلاثة أنواع من العذاب في هذه الدار.
وأما عذابه في البرزخ في قبره فعذاب يقارنه ألم الفراق الذي لا يرجى عوده، وألم فوات ما فاته من النعيم العظيم باشتغاله بضده، وألم الحجاب عن الله عزَّ وجلَّ، وألم الحسرة التي تقطع الأكباد.
فالهم والغم والحسرة والحزن كل هذه تعمل في نفوسهم نظير ما تعمل الهوام والديدان في أبدانهم، بل عملها في النفوس دائم مستمر حتى يردها الله إلى أجسادها، فحينئذ ينتقل العذاب إلى نوع هو أدهى وأمر، وأشد وأبقى.
إن العبد الذي يخاف مقام ربه لا يقدم على معصية ربه، فإذا أقدم عليها بحكم