الشريعة الكاملة التي تأمر بكل خير، وتنهى عن كل شر، ومخالفة الهوى الذي يوقع في كل شر، ويمنع كل خير كما قال سبحانه: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (١٨)} [الجاثية: ١٨].
واتباع الهوى يضل العبد عن سبيل الله، ويخرجه عن الصراط المستقيم فيقع في العذاب الشديد؛ لأنه ترك الهدى واتبع الهوى كما قال سبحانه: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (٢٦)} [ص: ٢٦].
واتباع الهوى هو إيثار ميل النفس إلى الشهوة والانقياد لها فيما تدعو إليه من معاص الله عزَّ وجلَّ.
وانقياد الإنسان واتباعه للشهوات يجعله في مصاف الحيوانات، ويجلب له الخزي في الدنيا، والعذاب في الآخرة.
وجميع المعاصي تنشأ من تقديم هوى النفس على محبة الله ورسوله، والهوى شر داء خالط القلوب، وشر إله عُبد في الأرض.
وخير الناس من أخرج الشهوات من قلبه، وعصى هواه في طاعة ربه، ومن أطاع هواه أعطى عدوه مناه.
والإنسان إذا كان كلما هوى شيئاً رَكِبه، وكلما اشتهى شيئاً أتاه، لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى، فقد اتخذ إلهه هواه.
وإذا تمكنت الشهوة من الإنسان وملكته وانقاد لها كان كالبهائم أشبه منه بالناس.
وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمه، فلا يستحضر ما لله ورسوله في الأمر ولا يطلبه أصلاً، ولا يرضى لرضا الله ورسوله، ولا يغضب لغضب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، بل يرضى إذا حصل له ما يرضاه بهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه؛ لأن قصده الحمية لنفسه، أو الرياء ليعظم هو ويثنى عليه، وليس قصده أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا.