للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مساواتهم.

وهذا وإن كان دون الأول والثاني، لكنه عظيم من وجهين:

أحدهما: أن الكبر والعز والعظمة والعلا لا يليق إلا بالملك القادر، فأما العبد المملوك الضعيف العاجز الذي لا يقدر على شيء فمن أين يليق بحاله الكبر؟.

فمهما تكبر العبد فقد نازع الله تعالى في صفة لا تليق إلا بجلاله كما قال سبحانه: «الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ» أخرجه أبو داود وابن ماجه (١).

وإذا كان الكبر على عباد الله لا يليق إلا بالله، فمن تكبر على عباده فقد جنى عليه، فالذي يسترذل خواص الملك ويستخدمهم ويترفع عليهم، ويستأثر بما حق الملك وحده أن يستأثر به منهم فهو منازع لله في بعض أمره.

الثاني: أن ذلك يدعو العبد إلى مخالفة الله في أوامره؛ لأن المتكبر إذا سمع الحق من عبد من عباد الله استنكف عن قبوله، وتشمر لجحده، كما تكبر إبليس على آدم فقال أنا خير منه، فحمله هذا الكبر على الامتناع عن السجود الذي أمره الله تعالى به.

وكان مبدؤه الكبر على آدم والحسد له، فجره ذلك إلى التكبر على أمر الله تعالى، فكان ذلك سبب هلاكه أبد الآباد كما قال سبحانه: {قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨)} [ص: ٧٧، ٧٨].


(١) صحيح: أخرجه أبو داود برقم (٤٠٩٠)، صحيح سنن أبي داود رقم (٣٤٤٦).
وأخرجه ابن ماجه برقم (٤١٧٥)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (٣٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>