شيء، وجميع هذه المخلوقات مطيعة لربها، منقادة لأوامره، عابدة له.
والبشر إن استكبروا عن عبادة الله بعد معرفتهم لهذه الآيات الكبرى، والمخلوقات العظمى، فهذا لن يقدم أو يؤخر، فغيرهم من جميع الكائنات يعبد الله غير مستكبر في العالم العلوي، وفي العالم السفلي كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)} ... [النحل: ٤٩، ٥٠].
وقال سبحانه: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (٣٨)} ... [فصلت: ٣٨].
هؤلاء الملائكة الذين عند ربك، وهم أرفع وأعلى، وهم أكرم وأمثل، لا يستكبرون كما يستكبر أولئك المنحرفون الضالون في الأرض، ولا يغترون بقرب مكانهم من الله، ولا يفترون عن تسبيحه ليلاً ونهاراً كما قال سبحانه: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠)} [الأنبياء: ٢٠].
وماذا يساوي أن يتخلف من أهل الأرض من يتخلف عن عبادة الله؟.
وهذه الأرض التي تقوتهم، والتي منها خرجوا وإليها يعودون، الأرض التي هم على سطحها أنمال تدب.
هذه الأرض تقف خاشعة لله، وهي تتلقى من يديه الحياة، فاهتزت وربت لتشارك العابدين المتحركين: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)} [فصلت: ٣٩].
وكم في الأرض من أَفَّاك؟ .. وكم في الأرض من مستكبر؟.
وماذا ينتظر هؤلاء من العذاب الأليم؟.
{وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٧) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٨)} ... [الجاثية: ٧، ٨].
ألا ما أخطر هؤلاء المستكبرون .. وما أعظم جهلهم بالله.
إنهم إذا علموا من آيات الله شيئاً استهزؤوا بها، واتخذوها مادة للسخرية منها،