ومنهم من غلبه البخل، فلا تسمح نفوسهم إلا بأداء الزكاة فقط، ثم إنهم يخرجون من المال الخبيث الرديء الذي يرغبون عنه، ويطلبون من الفقراء من يخدمهم ليعطوه إياه، والله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (٢٦٧)} ... [البقرة: ٢٦٧].
وفرقة أخرى من عوام الخلق وأرباب الأموال والفقراء اغتروا بحضور مجالس الذكر، واعتقدوا أن ذلك يغنيهم ويكفيهم، واتخذوا ذلك عادة، ويظنون أن لهم على مجرد سماع الوعظ دون الاتعاظ أجراً، وهم مغرورون؛ لأن فضل مجالس الذكر لكونها مرغبة في الخير، فإن لم يهيج الرغبة فلا خير فيه.
ومن أعظم الغرور أن ترى الله عزَّ وجلَّ يتابع عليك نعمه، وأنت مقيم على معصيته، فاحذر ذلك فإنما هو استدراج يستدرجك به كما قال سبحانه: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (٤٤)} [الأنعام: ٤٤].
والشياطين غروا كثيراً من الخلق، وأطمعوهم مع إقامتهم على ما يسخط الله ويغضبه في عفوه وتجاوزه، وحدثوهم بالتوبة لتسكن قلوبهم، ثم دافعوهم