للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها حب الترأس، وذلك أن الكاذب يرى له فضلاً على المخبر بما أعلمه، فهو يتشبه بالعالم الفاضل في ذلك.

ومنها أن يكون الكذب له عادة، ونفسه إليه منقادة، فهو يألف دواعي الكذب ويستملحه.

ومنها أن يقصد بالكذب التشفي من عدوه، فيسمه بقبائح يخترعها عليه، ويصفه بفضائح ينسبها إليه.

وأول ما يسري الكذب من النفس إلى اللسان فيفسده، ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها، يعم الكذب أقواله وأعماله وأحواله، فيستحكم عليه الفساد ثم يهلك.

والكذب داء لا يصلح منه جد ولا هزل، يمزق الأمم، ويقطع الأرحام، وتؤكل به الحقوق، وتنتهك الحرمات، ويهدي إلى الفجور كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا» متفق عليه (١).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أنَبِّئُكُمْ بِأكْبَرِ الْكَبَائِرِ» .. ثَلاثًا، قالوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قال: «الإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ» -وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقال: «ألا وَقَوْلُ الزُّورِ». قال: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. متفق عليه (٢).


(١) متفق عليه، اخرجه البخاري برقم (٦٠٩٤)، ومسلم برقم (٢٦٠٧) واللفظ له.
(٢) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٢٦٥٤)، واللفظ له، ومسلم برقم (٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>