للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، وأبو جهل لعنه الله؛ لأنه ثبت أن هؤلاء ماتوا على الكفر، وعرف ذلك شرعاً.

وإما شخص بعينه كقول: زيد لعنه الله، وهو يهودي مثلاً، فهذا فيه خطر؛ لأنه ربما يُسلم فيموت مقرباً عند الله، فكيف يحكم بكونه ملعوناً؟.

فعلى المسلم أن يصون لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة وقول الزور وغير ذلك مما نهى الله ورسوله عنه.

واللسان من نعم الله تبارك وتعالى العظيمة اللطيفة، فهو صغير جِرمه، عظيم طاعته ونفعه، وعظيم خطره وجُرمه.

فلا يستبين الكفر والإيمان إلا بشهادة اللسان، وهما غاية الطاعة والمعصية.

والكلام ترجمان يعبر عما في الضمائر، ويخبر بمكنونات السرائر.

وللكلام شروط لا يسلم المتكلم من الزلل إلا بها، وهي:

الأول: أن يكون الكلام لداع يدعو إليه إما في جلب نفع، أو دفع ضرر، ذلك أن ما لا داعي له هذيان، وما لا سبب له هُجْر.

الثاني: أن يقتصر من الكلام على قدر حاجته منه، فإن الكلام إن لم ينحصر بالحاجة لم يكن لحده غاية، ولا لقدره نهاية، ومن كَثُر كلامه كثر سقطه.

الثالث: اختيار الألفاظ التي يتكلم بها؛ لأن اللسان عنوان الإنسان، فلا يتجاوز في مدح، ويسرف في ذم .. ولا تبعثه الرغبة والرهبة في وعد أو وعيد يعجز عنهما .. وإذا قال قولاً حققه بفعله .. وإذا تكلم بكلام صدقه بعمله .. ويراعي مخارج كلامه بحسب مقاصده .. فإن كان ترغيباً قرنه باللين واللطف .. وإن كان ترهيباً خلطه بالخشونة والخوف .. ولا يرفع صوته بكلام مكروه .. ولا ينزعج له انزعاجاً مستهجناً .. ويكف عن حركة تكون طيشاً .. ويتجافى هجر القول ومستقبح الكلام .. وليعدل إلى الكناية عما يُستقبح صريحه ويُستهجن فصيحه .. ؛ ليبلغ الغرض ولسانه نزيه، وأدبه مصون .. ولا يسمع الخنا ولا يصغي إلى فحش ولا يقوله .. ويتجنب أمثال العامة الساقطة .. ولا يذكر في

<<  <  ج: ص:  >  >>