للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمَجْنُونٌ (٥١)} [القلم: ٥١].

والنظر الذي يؤثر في المنظور قد يكون سببه شدة العداوة والحسد، فيؤثر نظره فيه، ويقوى تأثير النفس عند المقابلة.

وقد يكون سببه الإعجاب، وهو ما يسمى بإصابة العين، وهو أن الناظر يرى الإنسان أو غيره رؤية إعجاب به واستعظام، فتتكيف روحه بكيفية خبيثة تؤثر في المعين أو تهلكه.

فالعائن حاسد خاص، وهو أضر من الحاسد، فكل عائن حاسد ولا بدَّ، وليس كل حاسد عائناً.

وأصل الحسد: هو بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها.

فالحاسد عدو النعم، وهذا الشر من خبث نفسه وشرها، بخلاف السحر فإنما يكون باكتساب أمور أخرى، واستعانة بالأرواح الشيطانية.

فلهذا والله أعلم قرن الله بين شر الحاسد وشر الساحر؛ لأن الاستعاذة من شر هذين تعم كل شر يأتي من شياطين الإنس والجن كما قال سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (٢) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (٣) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (٤) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (٥)} [الفلق: ١ - ٥].

فالحسد من شياطين الإنس والجن، والسحر من النوعين، لكن شياطين الجن ينفردون بالوسوسة في القلب، فالحاسد والساحر يؤذيان المحسود والمسحور بلا عمل منه، بل هو أذى من أمر خارج عنه.

والوسواس إنما يؤذي العبد من داخل بواسطة مساكنته له وقبوله منه.

واليهود أسحر الناس وأحسدهم كما قال الله عنهم: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩)} [البقرة: ١٠٩].

وقال سبحانه: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>