والشيطان لا يبذل جهده لمن باع نفسه للمعصية، وانطلق يخالف كل ما أمر الله به، ويتمرغ في الكفر والظلم والمحرمات.
فالنفس الأمارة بالسوء ليست محتاجة إلى إغواء؛ لأنها تأمر صاحبها بالسوء: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)} [يوسف: ٥٣].
ولذلك فإن إبليس لا يذهب إلى الحانات، وأماكن اللهو والفجور، ومستنقعات الزنا والرذيلة والفساد.
فهذه الأماكن كل من يذهب إليها ذاهب إلى معصية، وليس في حاجة إلى إغواء؛ لأنه قد اختار هذا الطريق العفن.
ولكن إبليس يذهب إلى بيوت الإيمان، وبيئات الطاعة، وأماكن العبادة، وساحات الفضيلة، ومن سار على الصراط المستقيم عابداً وداعياً، ومعلماً ومربياً، ومحسناً ومتصدقاً، وناصحاً ومرشداً.
هؤلاء الذين يبذل معهم إبليس كل جهده، وكل حِيَله، وكل مَكْره، وكل كيده، وكل إغوائه، ليصرفهم عن عبادة الله كما قال الله عنه: {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (١٧)} [الأعراف: ١٦، ١٧].