للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطلب إبليس من الله سبحانه أن يمهله إلى يوم البعث؛ لينتقم من آدم وذريته بإبعادهم عن الصراط المستقيم، وإغرائهم بكل معصية تكون سبباً لدخولهم النار.

والشيطان يشم ابن آدم، ويأتيه من الباب الذي يسهل دخوله منه عليه، فإذا وجد الإنسان متشدداً في جهة، أتاه من الجهة التي هو فيها ضعيف.

فإذا كان الإنسان متشدداً في الصلاة يحافظ عليها، ويؤديها في أوقاتها، ويواظب على فرائضها ونوافلها، جاءه إبليس من ناحية المال، فيوسوس له حتى لا يخرج الزكاة، ويقتر ويأكل حقوق الناس، مدخلاً السرور على نفسه بأن هذه الطريقة تزيد ما عنده، وتجعله غنياً آمناً مطمئناً.

والصدقة لا تنقص المال بل تزيده، وتضع البركة فيه، وتجعله يزداد وينمو، والمال مال الله، ينتقل من يد إلى يد، وحينما يحين الأجل يتركه الإنسان ويمضي.

وللشيطان خطوات في هذا: فيمنعه من الصدقات أولاً، ثم يمنعه من الزكاة، ثم يغريه بأكل الأموال المتشابهة، ثم يغريه بأكل المال الحرام، ونهب أموال الناس، ثم يغريه بالتوسع في الشهوات، ثم يدخله المحرمات، ثم يهوِّن عليه ارتكاب الكبائر، ثم تبدأ المعاصي تزيد شيئاً فشيئاً، حتى تغطي القلب كله، وتمنعه من ذكر الله، وامتثال أوامره، ولا يتركه الشيطان حتى يخرجه من الإسلام: {وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (٣٨)} [النساء: ٣٨].

وإن وجد الشيطان في المؤمن تشدداً من ناحية الصلاة والزكاة، ووجد ضعفاً من ناحية النساء، أتاه من ناحية هذا الضعف، فيظل يزين له امرأة خليعة أو صالحة، ويزينها في نظره، ويغريه بسماع صوتها، ورؤية جمالها، ويوسوس له ولها، حتى يسقط في الحرام، ومتى سقط في الزنا سقط في الكبائر.

فإن كان قوياً في هذه النواحي كلها جاء إبليس وزين له مجالس الخمر، ومجالس السوء والغيبة والنميمة .. وهكذا حتى يظفر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>