وقصر بقوم حتى أهملوا أعمال القلوب، ولم يلتفتوا إليها، وعدوها فضلاً .. وتجاوز بآخرين حتى قصروا نظرهم وعلمهم عليها، ولم يلتفتوا إلى كثير من أعمال الجوارح.
فلا إله إلا الله كم فتن الشيطان بهذا الكيد والمكر من خلق الله؟.
ومن مكائد الشيطان أنه يأمر الغني وصاحب الجاه أن يلقوا المساكين والضعفاء وذوي الحاجات بوجه عبوس؛ لئلا يطمعوا فيهم، ويتجرؤوا عليهم، وتسقط هيبتهم من قلوبهم، فيحرمهم بذلك من محبتهم وصالح أدعيتهم.
ومن كيده أنه يغري الناس بتقبيل يد العالم أو الزاهد، والتمسح به، والثناء عليه، وسؤاله الدعاء، حتى يرى نفسه ويعجبه شأنها، فيفرح بذلك ويقع في قلبه حتى يظنه حقاً، وذلك الهلاك كله، وهو شر من أرباب الكبائر.
ومن كيده الذي بلغ به من الجهال ما بلغ الوسواس الذي كادهم به في أمر الطهارة والصلاة عند عقد النية، حتى ألقاهم في الآصار والأغلال، وأخرجهم من السنة إلى البدعة، وخيل لبعضهم أن ما جاءت به السنة لا يكفي حتى يضم إليه غيره.
فجمع لهم بكيده العظيم ومكره الخبيث بين هذا الظن الفاسد .. والتعب الحاضر .. وبطلان الأجر أو نقصه.
ومن أعظم مكايده التي كاد بها أكثر الناس ما أوحاه إلى حزبه وأوليائه من الفتنة بالقبور، حتى آل الأمر إلى أن عُبد أربابها من دون الله، وعُبدت قبورهم، واتخذت أوثاناً، وصورت صور أربابها فيها، ثم جعلت الصور أجساماً لها ظل، ثم جعلت أصناماً وعبدت مع الله تعالى.
يطاف عليها .. ويسجد لها .. ويصلى عندها .. وتسكب عندها العبرات .. وتشكى إليها الحاجات .. وتحلق عندها الرؤوس .. وتذبح القرابين .. ويسأل الميت فيها قضاء الحاجات .. وتفريج الكربات .. وإقالة العثرات .. وتشد إليها الرحال من جميع الجهات.