للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمنهم عباد الشمس .. وعباد القمر .. وعباد البقر .. وعباد الحجر .. وعباد الماء .. وعباد النبات .. وعباد النار .. وعباد النور .. وعباد الظلام.

اتخذوا لها أصناماً يصلون عندها، ويطوفون بها، ويسألونها الحاجات .. ويقرِّبون لها القرابين، ويقضون عندها الأوقات، ويشدون إليها الرحال.

وزين لهم الشيطان وأوقع في نفوسهم أن هذه الأصنام تدبر أمر العالم العلوي والسفلي، تدخل فيها الشياطين وتكلمهم وتخبرهم ببعض المغيبات، وتدلهم على بعض ما يخفى عليهم، وهم لا يرون الشياطين، فيظنون أن الصنم نفسه هو المتكلم.

فإذا سمع العابد الخطاب والكلام من الصنم اتخذه إلهاً من دون الله.

وأضل الشيطان بمكره وكيده وتلاعبه ببني آدم أكثر أهل الأرض، فهم مفتونون بعبادة الشيطان عن طريق الأصنام والأوثان، ولم يتخلص منهم إلا الحنفاء الموحدون، كما قال سبحانه: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (٤٢)} [الحجر: ٤٢].

والأمم التي أهلكها الله بأنواع الهلاك كلهم كانوا يعبدون الأصنام والأوثان.

وأصل عبادة الأوثان والأصنام تشبيه المخلوق بالخالق في الإلهية حتى عبدوه من دون الله، وجعلوه نداً وعدلاً لله، يعبدونه ويسألونه كما يسألون الله جل جلاله، وزين لقوم عبادة الملائكة فعبدوهم من دون الله، ولم تكن عبادتهم في الحقيقة لهم، ولكن كانت للشياطين الذين أمروهم وزينوا لهم.

فعبدوا أقبح خلق الله، وأحقهم باللعنة والطرد والذم وهم الشياطين: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ (٤١)} [سبأ: ٤٠، ٤١].

فسبحان الله ما أعظم غفلة العباد، وما أشد مكر الشيطان وكيده حتى جعل طوائف من بني آدم تعبد الأحياء والأموات .. والأنبياء والملائكة .. والإنس والجن .. والنبات والحيوان .. والنور والنار .. والجبال والتراب .. والكواكب

<<  <  ج: ص:  >  >>