ومن تلاعبه بهم أن الله سبحانه أنجاهم من فرعون وسلطانه وظلمه، وفَرَقَ بهم البحر، وأراهم الآيات والعجائب، ونصرهم وآواهم، وآتاهم ما لم يؤت أحداً من العالمين، ثم أمرهم بدخول القرية التي كتب الله لهم، وبشرهم بها، فأبوا طاعته، وامتثال أمره.
وقابلوا هذا الأمر والبشارة بقولهم لنبيهم: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (٢٤)} [المائدة: ٢٤].
فسبحان من عَظُم حلمه .. حيث يُقابل أمره بمثل هذه المقابلة .. ويواجه رسوله بمثل هذا الخطاب .. وهو يحلم عنهم ولا يعاجلهم بالعقوبة .. بل وَسِعهم حلمه وكرمه فظللهم بالغمام .. وأنزل عليهم المن والسلوى من السماء.
ومن تلاعب الشيطان بهم أن الله أمرهم أن يذبحوا بقرة، ويضربوا القتيل ببعضها، فتعنتوا وأكثروا الأسئلة عن البقرة، فشددوا فشدد الله عليهم، وقالوا لموسى: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٦٧)} [البقرة: ٦٧].
وهذا من غاية جهلهم بالله ورسوله، فإنها لما تعينت لهم توقفوا في الامتثال وما كادوا يفعلون.
ومن تلاعب الشيطان بهم أن زين لهم استحلال محارم الله بأدنى الحيل، وتلاعبوا بدينه، وخادعوه، ومسخوا دينه بالاحتيال، فمسخهم الله قردة وخنازير على استحلالهم محارم الله كما قال سبحانه: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (١٦٦)} ... [الأعراف: ١٦٦].
ومن تلاعب الشيطان بهم، أنهم لما حُرمت عليهم الشحوم بسبب عدوانهم ومعاصيهم جَمَلُوها وأذابوها، ثم باعوها وأكلوا ثمنها.
ومن تلاعبه بهم أن أمرهم وزين لهم اتخاذ قبور أنبيائهم مساجد.
ومن أعظم مكر الشيطان بهم وكيده لهم أن زين لهم قتل الأنبياء الذين لا تنال