الشهوات بسبب الطاعات، أو يترك الطاعات بسبب الشهوات، ولا يمكن الجمع بينها، كما لا يمكن الجمع بين الماء والنار، لكن بفعل الأوامر، ويأخذ من الشهوات بقدر الحاجة.
فالطاعات من الرب، والشهوات من النفس، فالإنسان إما أن يكون عبداً للرب، أو عبداً للنفس، والشيطان زين للناس أن الشهوات ضرورة فاتبع أكثر الناس الشهوات وتركوا أوامر الله {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (٥٩)} [مريم: ٥٩].
الله تبارك وتعالى خالق الخلق، واسع الرزق، أنعم على العالمين بأنواع الأرزاق، وأصناف الأموال، وابتلاهم فيها بتقلب الأحوال، فهم بين العسر واليسر، والغنى والفقر، والطمع واليأس، والقناعة والحرص، والبخل والجود، والتبذير والتقتير، كل ذلك ليبلوهم أيهم أحسن عملاً، وينظر من يؤثر الإيمان والأعمال على الأموال والشهوات، ويرى من يؤثر الآخرة على الدنيا كما قال سبحانه: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧)} ... [الكهف: ٧].
وفتن الدنيا كثيرة الأنواع، واسعة الأرجاء، ويجمعها كل ما كان للإنسان فيه حظ عاجل أشغل عن طاعة الله ورسوله.
والأموال أعظمها فتنة، وأطمها محنة، وأعظم فتنة فيها أنه لا غنى لأحد عنها، وإذا وجدت فلا سلامة منها، وإذا فقد المال حصل منه الفقر الذي يكاد أن يكون كفراً، وإذا وجد حصل فيه الطغيان الذي لا تكون عاقبة أمره إلا خسراً كما قال سبحانه: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧)} [العلق: ٦، ٧].
والأموال بوجه عام لا تخلو من الفوائد والآفات، وفوائدها من المنجيات، وآفاتها من المهلكات، وتمييز خيرها من شرها لا يدركه إلا ذو البصائر في الدين من العلماء الأبرار.
فالدنيا فتنها كثيرة، والمال بعض أجزاء الدنيا، والجاه بعضها، واتباع شهوة