ومن صفاتهم عدم الرغبة في القرآن وحلق العلم؛ لأن ذلك يكشف ما في قلوبهم كما قال سبحانه: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (٦٤)} [التوبة: ٦٤].
وقد فضح الله في القرآن مخازي المنافقين، وهتك أستارهم؛ لينكشف أمرهم، ويحتاط المسلمون لكيدهم ومكرهم، إلا أن الله لم يعين أشخاصهم لفائدتين:
إحداهما: أن الله ستِّير يحب الستر على عباده.
الثانية: أن الذم على من اتصف بذلك الوصف من المنافقين في ذلك الوقت إلى يوم القيامة، فكان ذكر الوصف أعم وأنسب وأخوف، فلكل منافق في أي مكان وفي أي زمان الخوف والخزي والخذلان واللعن في الدنيا كما قال سبحانه: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (٦١)} [الأحزاب: ٦٠ - ٦١].
ولهم أشد العذاب يوم القيامة كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥)} [النساء: ١٤٥].
ومن صفات المنافقين تولي بعضهم بعضاً؛ لأنهم اشتركوا في النفاق فاشتركوا في تولي بعضهم بعضاً.
وقد وصفهم الله بوصف عام، لا يخرج منه صغير منهم ولا كبير فقال سبحانه: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٦٧)} [التوبة: ٦٧].
ففسق المنافقين أعظم فسق، ولذلك صار عذابهم أشد عذاب، وقد جمع الله الكفار والمنافقين والمنافقات في النار، وألحق بهم اللعنة وأوجب لهم الخلود في النار؛ لأجتماعهم في الدنيا على الكفر، والمعاداة لله ورسوله وعباده المؤمنين، والكفر بآيات الله، وصدهم عن سبيله كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ