ولما ألحوا في المطالبة، والله سبحانه لم يجبهم رحمة بهم، إذ لو جاءتهم الآيات فلم يؤمنوا هلكوا، والله يعلم أنهم لا يؤمنون ولو رأوا الآيات كما قال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١)} [الأنعام: ١١١].
وليس معنى هذا أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - لم يكن معه آيات ومعجزات، فقد كان له معجزات، ولكنها ما كانت مقرونة بالتحدي، كراهية أن لا يؤمن بعدها من طلبها فيهلك.
ولما ألح المشركون في طلب الآيات: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠٩)} [الأنعام: ١٠٩].
والكفار لكفرهم والمشركون لشركهم في غفلة عن آيات الله الكبرى، في السموات والأرض والجبال والبحار والنبات والحيوان.
فبين الله لهم أن أكبر آية ومعجزة جاء بها محمد - صلى الله عليه وسلم - هي القرآن، وهي آية عقلية باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فتكفيهم كما قال سبحانه: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى