للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كفر النفاق فأن يكفر بقلبه، ويقر بلسانه، وهؤلاء أخطر الكفار على الإسلام، وأشدهم عقوبة يوم القيامة كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (١٤٥)} [النساء: ١٤٥].

والكفار لغلظ كفرهم، وكفرهم بالله وآياته وشرعه، لهم عذاب في الحياة الدنيا بالشقاء والنكد والظنك، ويوم القيامة يحشرون على وجوههم إلى جهنم عمياً لا يبصرون، وبكماً لا يتكلمون، وصماً لا يسمعون، كما قال سبحانه عنهم:

{وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (٩٧) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا (٩٨)} [الإسراء: ٩٧ - ٩٨].

وقال سبحانه: {لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (٣٤)} ... [الرعد: ٣٤].

وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رجلاً قال: يَا رَسُولَ اللهِ! كَيْفَ يُّحْشَرُ الْكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: «ألَيْسَ الَّذِي أمْشَاهُ عَلَى رِجْلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، قَادِرًا عَلَى أنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه (١).

ألا ما أعظم الكفر والشرك والنفاق.

إن الشرك لما كان أظلم الظلم، وأقبح القبائح، وأنكر المنكرات، كان أبغض الأشياء إلى الله وأكرهها له، وأشدها مقتاً لديه، ورتب الله عليه من عقوبات الدنيا والآخرة ما لم يرتبه على ذنب سواه، وأخبر أنه لا يغفره، وأن أهله نَجَسٌ، ومنعهم من قربان حرمه، وجعلهم أعداءه وأعداء ملائكته ورسله والمؤمنين، وأباح لأهل الإسلام أموالهم ونساءهم وأبناءهم.

لأن الشرك هضم لحق الربوبية، وتنقيص لعظمة الإلهية، وسوء ظن برب


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٦٥٢٣)، ومسلم برقم (٢٨٠٦) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>