فلو أن عبداً من عبيدك عمل على أن يسخطك أعواماً، ثم يرضيك ساعة واحدة إذا تيقن أنه صائر إليك لم تقبل منه، ولم يفز لديك بما يفوز به مَنْ همه رضاك في كل أوقاته.
وكذا سنة الله عزَّ وجلَّ أن العبد إذا عاين الانتقال إلى الله تعالى لم تنفعه التوبة كما قال سبحانه: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧)} ... [النساء: ١٧].
وأوحش ما يكون الناس في ثلاثة مواطن:
يوم يولد الإنسان فيرى نفسه خارجاً مما كان فيه فيصرخ.
ويوم يموت، فيرى قوماً لم يكن عاينهم من قبل.
ويوم يبعث، فيرى نفسه في محشر عظيم.
والأجل أجلان:
أجل مطلق لا يعلمه إلا الله، فهذا لا يتبدل ولا يتغير.
وأجل مقيد، وهو ما في صحف الملائكة، فإن الله أمر الملك أن يكتب للعبد أجلاً، وقال إن وصل رحمه زدته كذا وكذا، والملك لا يعلم أيزداد أم لا، لكن الله يعلم ما يستقر عليه الأمر.
فإذا جاء الأجل لا يتقدم ولا يتأخر كما قال سبحانه: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١١)} ... [المنافقون: ١١].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَرَّهُ أنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأنْ يُنْسَأ لَهُ فِي أثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ» متفق عليه (١).
والأجل قسمان:
أحدهما: أجل كل عبد الذي ينقص به عمره.
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٥٩٨٥) واللفظ له، ومسلم برقم (٢٥٥٧).