للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكل موجود في الأرض والسماء جار على منهج السداد، ومنه سبحانه جاء الرشاد، وأعظم الرشاد إرشاد عباده المؤمنين إلى الدين القيم: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١)} [الأنبياء: ٥١].

وإنما يحصل الرشد للعبد إذا آمن بالله واستقام على دينه كما قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (١٨٦)} ... [البقرة: ١٨٦].

وهو سبحانه الكريم الرحيم، الذي بعث الرسل إلى الأمم بالدين، وهو الذي يبعث الأرواح والأجساد بعد الموت ليوم النشور، وهو الذي يبعث من في القبور، والذي بعث رسله للهداية، وبعث عباده إلى الطاعة، وأرسل الشياطين للغواية، وابتلى هؤلاء بهؤلاء.

وهو سبحانه الجامع للفضائل كلها، فله الأسماء الحسنى، والصفات العلا، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

وهو سبحانه الجامع حقاً بين المتفرقات والمتباينات، كما جمع بين الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة، في أمزجة الحيوانات، وهي متنافرات متعاندات، فهو سبحانه الجامع بكل اعتبار.

فسبحان القادر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، جمع بين الماء والأرض فجاء النبات، وجمع بين الذكر والأنثى فجاء الأولاد: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (١٠٧)} [هود: ١٠٧].

وهو سبحانه الجامع الذي يجمع قلوب عباده على الحق، ويجمع الناس يوم القيامة للحساب، ويجمع الرسل ويسألهم عما كلفهم به، ويجمع المؤمنين في الجنة، ويجمع الكفار والمنافقين في النار كما قال سبحانه: {رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (٩)} ... [آل عمران: ٩].

وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (١٤٠)} [النساء: ١٤٠].

<<  <  ج: ص:  >  >>