للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨)} [النساء: ٧٨].

على أن الأمر لا ينتهي بالموت أو القتل، فهذه ليست نهاية المطاف، بل هناك حياة أخرى، ونعيم أعلى خير مما فيه أهل الدنيا: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (١٥٧)} [آل عمران: ١٥٧].

وكل الخلق بعد الموت راجعون إلى الله، محشورون إليه على كل حال، سواء ماتوا على فرشهم، أو ماتوا وهم يضربون في الأرض، أو قتلوا وهم يجاهدون في الميدان، وما لهم مصير سوى هذا المصير، والتفاوت إنما يكون في النية والعمل الصالح، أما النهاية فواحدة، موت أو قتل، في الموعد المسمى.

وهناك إما مغفرة من الله ورحمة ... أو غضب من الله وعذاب.

وبهذا اليقين تستقر في القلوب حقيقة الموت والحياة، وحقيقة قدر الله، وبذلك تطمئن القلوب إلى ما كان من ابتلاء جرى به القدر.

وإلى ما وراء القدر من حكمة .. وما وراء الابتلاء من جزاء: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١١)} ... [المنافقون: ١١].

والله جل جلاله هو القاهر فوق عباده، وهم تحت سيطرته وقهره، فهم ضعاف في قبضة هذا السلطان، لا قوة لهم ولا ناصر، وكل نَفَس من أنفاسهم بقدر.

خلقهم الله لعبادته، وأرسل إليهم رسلاً يحفظونهم، ورسلاً آخرين يدعونهم إلى الله، ورسلاً آخرين يقبضون أرواحهم، وكل يؤدي رسالته حسب أمر ربه: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ (٦١)} [الأنعام: ٦١].

وسَيُرد الخلق كلهم بعد الموت إلى ربهم ومولاهم الذي أنشأهم وأطلقهم للحياة ما شاء، ثم مردهم إليه عندما يشاء، ليقضي فيهم بحكمه بلا معقب.

فهو وحده يحكم .. وهو وحده يحاسب .. وهو لا يبطئ في الحكم .. ولا يمهل في الجزاء: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>