بالتوبة من المعاصي، وإيثار الآخرة، والخروج من المظالم، والإقبال على الله بالطاعات، واجتناب المحرمات.
وعلى المسلم أن يتذكر دائماً أن الموت فيه فراق العمل والحرث للآخرة، لا على أنه فراق للأهل والأحباب ولذات الدنيا، فهذه نظرة قاصرة تزيده حسرة وألماً.
أما النظرة الأولى: فتبعثه ليستعد ويزيد في عمل الآخرة، والإقبال على الله.
والمسلم لا يتمنى الموت، إن كان محسناً لعله أن يزداد إحساناً، وإن كان مسيئاً لعله أن يتوب.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدٌ مِنْكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لا بُدَّ مُتَمَنِّياً لِلْمَوْتِ فَلْيَقُل: اللَّهُمَّ أحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْراً لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْراً لِي» متفق عليه (١).
وحياة الإنسان خطوات إلى الآخرة، وأنفاس معدودة منصرمة، كل نَفَس منها يقابله آلاف الآلاف من السنين في دار البقاء.
والعبد منساق بزمنه إلى دار النعيم أو إلى دار الجحيم، وبقاؤه في الدنيا كساعة من النهار، فما أولى العاقل أن لا يصرف منها نَفَساً، إلا في أحب الأمور إلى الله، فلو صرفه فيما يحبه وترك الأحب لكان مفرطاً، فكيف إذا صرفه فيما لا ينفعه؟ وكيف إذا صرفه فيما يمقته عليه ربه؟.
وسيُسأل كل إنسان عما قدم وأخر .. وعن كل طاعة عملها .. وعن كل معصية فعلها .. وعن كل فاحشة اقترفها.
وسيرجع الناس إلى ربهم يوم القيامة، وسيحاسبهم على كل ما عملوه .. وكل ما أسروه وأعلنوه .. وكل ما جمعوه وفرقوه .. وكل ما حفظوه وضيعوه كما قال سبحانه: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (٢٦)} [الغاشية: ٢٥ - ٢٦].
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٦٣٥١) واللفظ له، ومسلم برقم (٢٦٨٠).