للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا حسرة على العباد .. كيف يفرطون في هذا النعيم المقيم والملك الكبير؟.

إن الواحد من أهل الجنة عنده من القصور والمساكن، والغرف المزينة المزخرفة، والخيام الفخمة الواسعة، ما لا يدركه الوصف ولديه من البساتين الزاهرة، والثمار الدانية، والفواكه اللذيذة والرياض الزاهرة، والأنهار الجارية، ما يأخذ القلوب، ويفرح النفوس، ويبهر العقول.

وعنده من الزوجات اللاتي هن في غاية الجمال والحسن والإحسان، الجامعات لجمال الظاهر والباطن، الخيرات الحسان، ما يملأ القلب سروراً ولذة وحبوراً.

وحوله من الولدان المخلدين، والخدم المؤبدين، ما به تحصل الراحة والطمأنينة، وتتم لذة العيش، وتكمل الغبطة.

وفوق ذلك كله الفوز برضى الرب الرحيم، وسماع كلامه، ولذة قربه، والابتهاج برضاه، والخلود الدائم، وتزايد ما هم فيه من النعيم كل وقت وحين. كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)} ... [التوبة: ٧٢].

فيا له من نعيم ما أتمه وما أكمله، ويا له من مُلك ما أوسعه؟

{وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (٢٠) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (٢١) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (٢٢)} [الإنسان: ٢٠ - ٢٢].

فهذه حال العباد يوم القيامة، وهذه مساكنهم، وهم بحسب أعمالهم إليها راجعون: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (١٤) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (١٥) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (١٦)} [الروم: ١٤ - ١٦].

إن التكاثر في الأموال والأولاد واتباع الشهوات شغل أهل الدنيا، وألهاهم عن

<<  <  ج: ص:  >  >>