للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: دار الدنيا، وحكمة بقائه هنا تكميل الإيمان والأعمال الصالحة.

الثالثة: دار البرزخ، وحكمة بقائه هنا انتظار يوم القيامة، وهو بحسب حاله، المؤمن في نعيم، والكافر في عذاب.

الرابعة: دار القرار في الجنة أو النار، وهذه آخر منازله.

وقد جعل الله لكل دار أحكاماً تخصها، وركب هذا الإنسان من بدن وروح، وجعل أحكام الدنيا على الأبدان، والأرواح تبعاً لها، وأحكام البرزخ على الأرواح والأبدان تبعاً لها، وجعل أحكام يوم القيامة من النعيم والعذاب على الأبدان والأرواح معاً.

والبعث: هو إحياء الموتى حين ينفخ في الصور النفخة الثانية، فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين حفاة عراة غرلاً غير مختونين، ويبعث كل عبد على ما مات عليه، فيبعثون ويحشرون للحساب والجزاء كما قال سبحانه: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (٥٣)} ... [يس: ٥١ - ٥٣].

وأول من ينشق عنه القبر محمد - صلى الله عليه وسلم -.

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأوَّلُ شَافِعٍ وَأوَّلُ مُشَفَّعٍ» أخرجه مسلم (١).

وجميع الخلائق تحشر إلى ربها يوم القيامة كما قال سبحانه: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥)} [مريم: ٩٣ - ٩٥].

ويحشر الناس يوم القيامة على أرض بارزة بيضاء، ليس فيها عَلَم لأحد كما قال سبحانه: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ


(١) أخرجه مسلم برقم (٢٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>