قَالَ وَأشَارَ رَسُولُ اللهِ (بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ. أخرجه مسلم (١).
وإذا حُشر الناس إلى ربهم يوم القيامة، وبلغ العناء منهم مبلغاً عظيماً لشدة الهول، وعظمة الكرب، وصعوبة الموقف، رغبوا إلى ربهم في أن يحكم بينهم، فإذا طال موقفهم، وعظم كربهم، ذهبوا إلى الأنبياء ليشفعوا لهم عند ربهم ليفصل بينهم، ثم يجيء الله جل جلاله لفصل القضاء بين عباده كما قال سبحانه: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (٢٣)} [الفجر: ٢١ - ٢٣].
وقد ذكر الله عزَّ وجلَّ في القرآن المبدأ والمعاد .. والقيامتين الصغرى والكبرى .. والعالمين الأكبر وهو عالم الآخرة .. والأصغر وهو عالم الدنيا .. والدارين الجنة دار السعداء، والنار دار الأشقياء .. وفصَّل سبحانه في كتابه خلق الإنسان، وكيف يقضي حياته، وبيَّن أحواله عند وفاته، ويوم معاده.
والله سبحانه يعيد جسد الإنسان بعينه الذي أطاع وعصى، فينعمه ويعذبه بحسب عمله، كما ينعم الروح التي آمنت بعينها، ويعذب التي كفرت بعينها.
وهو سبحانه العليم بما تنقصه الأرض من لحوم البشر وعظامهم وأشعارهم، والقادر على جمعها وتحصيلها بعد تفرقها، وتأليفها خلقاً جديداً، ثم بعثها يوم القيامة.
بل مع كل نَفَس سائق يسوقها إلى المحشر، وشهيد يشهد عليها بما عملت كما قال سبحانه: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (٢٠)} [ق: ٢٠].
وبراهين المعاد في القرآن تقرر ثلاثة أصول:
أحدها: تقرير كمال علم الرب كما قال سبحانه: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (٧٩)} [يس: ٧٧ - ٧٩].