إن عذاب الله شديد لكل كافر، لكل مشرك، لكل عاص، لكل مجرم، لكل مفسد، لا يمكن أن يفتديه الإنسان بالبنين والزوج والأخ والعشيرة، ومن في الأرض جميعاً: {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤)} [المعارج: ١١ - ١٤].
إن هذا المجرم من الهول والرعب الذي يراه يود لو يفتدي من عذاب النار بأعز الناس عليه، ممن كان يفتديهم بنفسه في الحياة ويناضل عنهم، ويعيش لهم.
بل إن لهفته على النجاة لتُفقده الشعور بغيره على الإطلاق، فيود لو يفتدي بأهل الأرض جميعاً لينجو ويفلت من العذاب.
فما أعظم كربه؟، وما أشد فزعه؟.
ولكن أنى له من الإفلات فهو محاصر بالعذاب: {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (١٦) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (١٨)} [المعارج: ١٥ - ١٨].
ألا ما أخطر الحال والمقام؟.
إنه مشهد مروع مخيف، تطير له النفس شعاعاً بعد ما أذهلها كرب الموقف وهوله، فقد أعد لهذا المجرم ناراً تلظى وتحرق، وتنزع الجلود عن الوجوه والرؤوس، ومقامع تكسر الهامات، وغساق ينشب في الحلوق، وطعام الزقوم والغسلين، وثياب من نار، وفرش من نار، وسلاسل وأغلال من نار، وسجن مظلم.
ونار تدعو كل من أدبر وتولى، تدعوه كما كان من قبل يدعى إلى الهدى فيدبر ويتولى.
ولكنه اليوم إذ تدعوه جهنم لا يمكن أن يدبر ويتولى، ولقد كان من قبل مشغولاً عن الدعوة بجمع المال بأي وسيلة، وحفظه في الأوعية.
فأما يوم القيامة فالدعوة من جهنم لا يمكن أن يلهو عنها، ولا يملك أن يفتدي