للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله عزَّ وجلَّ كما يغار على عبده المؤمن فهو يغار له ولحرمته، فيدفع سبحانه عن قلوب الذين آمنوا وجوارحهم وأهلهم وحريمهم وأموالهم، يدفع عنهم ذلك كله غيرة منه لهم كما غاروا لمحارمه من نفوسهم ومن غيرهم.

والله يغار على إمائه وعبيده شرعاً وقدراً، ومن أجل ذلك حرم الفواحش، وشرع عليها أعظم العقوبات، وأشنع القتلات، لشدة غيرته على إمائه وعبيده، فإن عطلت هذه العقوبات شرعاً أجراها سبحانه قدراً كما قال سبحانه: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٢٣)} [النساء: ١٢٣].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، والله لأنَا أغْيَرُ مِنْهُ، والله أغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أجْلِ غَيْرَةِ الله حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلا أحَدَ أحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ الله، وَمِنْ أجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ، وَلا أحَدَ أحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ الله، وَمِنْ أجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ الله الْجَنَّةَ» متفق عليه (١).

* متى تمتلئ الجنة والنار؟:

جهنم لا تزال يلقى فيها من كفار الإنس والجن، وتقول هل من مزيد كما قال سبحانه: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)} [ق: ٣٠].

ولا تزال النار تطلب الزيادة حتى بضع رب العزة قدمه عليها، فينزوي بعضها إلى بعض.

والله عز وجل قد وعد النار ليملأنها من الجنة والناس أجمعين كما قال سبحانه: {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٣)} ... [السجدة: ١٣].

والنار واسعة فلا تمتلئ حتى يضيقها الجبار على من فيها كما قال النبي (: «لا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ، فَيَنْزَوِي بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَتَقُولُ: قَطْ قَطْ، بِعِزَّتِكَ وَكَرَمِكَ، وَلا يَزَالُ فِي الْجَنَّةِ


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧٤١٦)، واللفظ له، ومسلم برقم (١٤٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>