فالله سبحانه رتب دخول الجنة على طاعته وطاعة رسوله، ورتب دخول النار على معصيته ومعصية رسوله، فمن أطاعه طاعة تامة دخل الجنة بلا عذاب.
ومن عصى الله ورسوله معصية تامة فيها الشرك وما دونه دخل النار وخُلِّد فيها.
ومن اجتمع فيه طاعة ومعصية كان فيه من موجب الثواب والعقاب بحسب ما فيه من الطاعة والمعصية، فالموحدون الذين لهم معاصي يعذبون في النار بقدر ذنوبهم، ثم يخرجهم الله إلى الجنة؛ لأن ما معهم من التوحيد مانع لهم من الخلود في النار.
وأنفع شيء للعبد في معاشه ومعاده تدبر القرآن، وجمع الفكر على معانيه وأحكامه وآدابه وعلومه.
فآيات الله القرآنية تُطْلِع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرهما وتبين له طرقهما وثمراتهما ومآل أهلهما .. وتضع في يده مفاتيح كنوز السعادة في الدنيا والآخرة .. وتزكي عقله بالعلوم النافعة .. وتثبت قواعد الإيمان في قلبه .. وتريه صورة الدنيا الفانية والآخرة الباقية .. وتريه صورة الجنة والنار .. وتحضره بين الأمم وتريه أيام الله فيهم .. وتعرفه بذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وعدله وإحسانه .. وتبين له ما يحبه الله ويرضاه .. وما يكرهه ويسخطه من الأقوال والأعمال.
وتُعرِّف العبد بالطريق الموصل إلى ربه .. وما له بعد القدوم عليه من الكرامة.
وتعرفه كذلك بالشيطان وما يدعو إليه .. والطريق الموصلة إليه .. وما لمن أطاعه من الإهانة والعذاب يوم القيامة.
فهذه الأمور الستة ضرورية للعبد معرفتها ومشاهدتها، فبها يتميز له الحق من الباطل في كل ما اختلف فيه العالم، فتريه الحق حقاً والباطل باطلاً، ويكون له بمعرفتها فرقان ونور يفرق به بين الهدى والضلال، والغي والرشاد، وتعطيه قوة في قلبه وانشراحاً في صدره.