لكن الباطل لا ينكسر إلا بالتضحية بكل شيء من أجل إعلاء كلمة الله.
والإيمان والتوحيد والعبادة حق الله على العباد .. فينبغي تذكيرهم دائماً بهذا الحق جميعاً .. ليؤدوا هذه الأعمال والوظائف لله رب العالمين كما تؤديها جميع الكائنات والمخلوقات لله وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (١٨)} ... [الحج: ١٨].
وحقيقة الدين اليقين على ذات الله وأسمائه وصفاته وأفعاله .. وعلى دينه وشرعه .. وعلى وعده ووعيده.
وإذا جاء هذا اليقين تغيرت العواطف كلها من المخلوق إلى الخالق، ومن الدنيا إلى الآخرة، ومن العادات إلى السنن.
وجميع المخلوقات في قبضة الله .. فلا يكون شيء إلا بإذنه وعلمه .. ولا يتحرك شيء إلا بأمره .. ولا يسكن إلا بأمره .. فله سبحانه الخلق كله .. وله الأمر كله كما قال سبحانه: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} [الأعراف: ٥٤].
وكما أن أعضاء الإنسان كلها لا تتحرك إلا بوجود روحه، فكذلك هذا العالم وما فيه كالخردلة بيد الله لا يبقى ولا يتحرك ولا يسكن إلا بأمره سبحانه.
والقلوب محل نظر الرب سبحانه، وليس لقلوب العباد سرور ولا لذة تامة إلا بمعرفة الله ومحبته والتقرب إليه بما يحب، ولا تكون محبته خالصة إلا بالإعراض عن كل محبوب سواه.
والإنسان عند طلب العلم الشرعي لا بدَّ أن يرى الله ويعلم أنه طالب راغب فيما عند الله، ثم الله ينفعه بما علم.
والأنبياء والصحابة عندهم فقه الدين، وأكثر الناس عندهم فقه الدنيا والشهوات، ولذلك صارت عندهم الغيرة على الدين أن ينقص؛ لأنهم اجتهدوا عليه، وضحوا بكل شيء من أجله.