إن هذا كله من مناهج العمي الذين لا يعلمون أن ما أنزل على محمد هو الحق وحده، الذي لا يجوز العدول عنه ولا التعديل فيه.
إنها لا تصلح بالقسوة والبطش والظلم .. ولا تصلح بالحرية والتميُّع .. وإطلاق الشهوات كالبهائم والأنعام.
فكل هذه المناهج سواء في كونها من مناهج العمي الذين يقيمون من أنفسهم أرباباً من دون الله، ويفعلون ما يشاؤون.
فيضعون مناهج الحكم ومناهج الحياة حسب أهوائهم .. ويُشرِّعون للناس ما لم يأذن به الله .. ويلزمون الناس بتنفيذه والعمل به .. ولو لم يأذن به الله .. ولو كان يُغضب الله .. ولو كان يشقى به الناس في الدنيا والآخرة، فما أشد جرم من صرف الناس عن هدى الله وأضلهم عنه بغير علم: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥٠)} ... [القصص: ٥٠].
وآية هذا .. وبسبب قيادة العمي .. وطاعة العمي .. وتشريع العمي .. ودعوة العمي .. حل بالبشرية هذا البلاء العظيم .. وانفجر فيها هذا الفساد الطامي الذي يعم وجه الأرض .. وهذه الشقوة النكدة التي تعانيها البشرية في مشارق الأرض ومغاربها .. وتلك سنة الله التي لا تتبدل كما قال الله سبحانه: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (١٢٦)} [طه: ١٢٤ - ١٢٦].
إن المؤمن حقاً يرفض بحكم إيمانه بالله وعلمه بأن ما أُنزل على محمد هو الحق كل دين غير دين الله .. وكل منهج للحياة غير منهج الله .. وكل شرع ومذهب ومنهج غير المنهج الوحيد .. والمذهب الوحيد .. والشرع الوحيد الذي سنه الله وارتضاه للصالحين من عباده.