وصفات ليس لها سبب معلوم كالنزول إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَتَنَزَّلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى سَمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْألُنِي فَأعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأغْفِرَ لَهُ» متفق عليه (١).
ومن الصفات ما هو صفة ذاتية وفعلية باعتبارين كالكلام، فإنه باعتبار أصله صفة ذاتية، لأن الله تعالى لم يزل ولا يزال متكلماً، وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية، لأن الكلام يتعلق بمشيءته، يتكلم متى شاء، بما شاء كما قال سبحانه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢].
وكل صفة تعلقت بمشيءته فإنها تابعة لحكمته، سواء أدركنا الحكمة أو جهلناها، لكننا نعلم علم اليقين أن الله عزَّ وجلَّ لا يشاء شيءاً إلا وهو موافق للحكمة كما يشير إليه قوله سبحانه: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠)} ... [الإنسان: ٣٠].
وأسماء الله عزَّ وجلَّ وصفاته توقيفية لا مجال للعقل فيها، فلا نثبت لله تعالى من الأسماء والصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته، فنثبت لله من الأسماء والصفات ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله، إثباتاً يليق بجلاله بلا تمثيل ولا تشبيه ولا تكييف ولا تمثيل.
فأسماء الله وصفاته لا يماثلها شيء من أسماء المخلوقين وصفاتهم، وكما لا نعلم كيفية ذاته عزَّ وجلَّ، فكذلك لا نعلم كيفية أسمائه وصفاته: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١)} ... [الشورى: ١١].
ولا علم لأحد بكيفية صفات الله عزَّ وجلَّ، لأنه عزَّ وجلَّ أخبرنا بها، ولم يخبرنا عن كيفيتها.
فيجب الكف عن التكييف تقديراً بالجنان، أو كلاماً باللسان، أو تحريراً بالبنان
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (١١٤٥)، واللفظ له، ومسلم برقم (٧٥٨).