شجاعته في العالم، وتخويف أعدائه به، وقضاء الملك أوطاره به.
وكما يترتب على هذا إظهار شجاعة عبده وقوته، فكذلك يترتب عليه ظهور كذب من ادعى مقاومته، وظهور عجزهم وخزيهم، وأنهم ليسوا ممن يصلح لمهمات الملك وحوائجه.
فإذا عدل بهم عن مهماته وولايته، وعدل بها عنهم، كان ذلك مقتضى حكمة الملك، وحسن تصرفه في ملكه، وأنه لو استعملهم في تلك المهمات، لتشوش أمر المملكة، وحصل الخلل والفساد، والله أعلم بالشاكرين.
فخلق الأسباب المضادة للحق، وإظهارها في مقابلة الحق، من أبين دلائله وشواهده.
والله سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض، وسائر المخلوقات، من أجل أن يعرف، ومن أجل أن تعرف أسماؤه وصفاته، وتعرف عظمة قدرته، وسعة علمه، ويعرف جلاله وكبرياؤه، وتعرف آلاؤه وإحسانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (١٢)} [الطلاق: ١٢].
فسيد السموات السماء التي فوقها العرش، وسيد الأرضين الأرض التي نحن عليها.
وفي كل سماء، وفي كل أرض:
خلق من خلقه سبحانه .. وأمر من أمره .. وقضاء من قضائه.
في كل مكان .. وفي كل زمان .. وفي كل حال .. ولكل مخلوق.
ألا ما أجهل الخلق بربهم .. وما أجهلهم بالسلعة وثمنها.
واحسرتاه، إلى متى يتلبط الإنسان في الوحل كالدود لاهياً معرضاً عن ربه؟.
ومتى يشد العبد ركائبه إلى الرحمن، وإلى جنة الرضوان؟.