لأنك فعلت السبب، وامتثلت الأمر، وإن لم يذهب الصداع فكذلك أنت في الفوز والفلاح، لأنك امتثلت أمر الله ورسوله.
فلا نتوجه عند المرض للدواء مباشرة، بل نتوجه إلى الله الشافي أولاً، والأسباب آخر شيء، أمر الله ثم أمر الرسول وفعله، ثم فعل السبب المباح، هذا هو الترتيب الصحيح لطلب الشفاء.
وإن تناولت الدواء مباشرة ثم ذهب الصداع فهذا ابتلاء من الله لإيمان العبد، وإن لم يذهب الصداع فيتوجه إلى الله، وكلما توجه العبد إلى الله في حاجة، فإما أن يقضي حاجته فوراً، وإما أن يؤخرها ليكثر من الدعاء، وإما أن يدفع عنه من الشر ما هو أعظم منها، وإما أن يؤخرها له إلى يوم القيامة.
وكلما توجه الإنسان إلى الله قضى حاجته، وكلما نفى المخلوق أياً كان يومياً سخره الله له .. وحفظه منه .. وأخرج اليقين عليه .. وحفظه، لا يعبده ولا يتوجه إليه.
والله تبارك وتعالى له الخلق والأمر في جميع مخلوقاته:
خلق الشمس وأمدها بالحركة والإنارة والحرارة .. وخلق البحر وأمده بالسيولة والملوحة .. وخلق النبات وأمده بالنمو والتكاثر والثمرات ... وخلق الحيوان وأمده بالنمو والتكاثر والحركة .. وخلق الإنسان وأمده بالنمو والتكاثر، والعقل والحركة .. وخلق الدماغ وأمده بالعقل .. وخلق العين وأمدها بالبصر .. وخلق اللسان وأمده بالكلام .. وخلق الأذن وأمدها بالسمع .. وخلق الأنف وأمده بالشم.
وخلق الليل والنهار وجعل لهما أوامر .. وخلق الشمس والقمر وجعل لهما أوامر .. وخلق الحرارة والبرودة وجعل لهما أوامر .. وخلق الصحة والمرض وجعل لهما أوامر .. وهكذا.
فالله خالق كل شيء، وبيده أمر كل شيء: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣)} [هود: ١٢٣].
والله تبارك وتعالى خلق المخلوقات، وكلماته التامات هي التي كون بها الأشياء