للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنسبة إلى نوعه .. ونوعه ذرة بالنسبة إلى شركائه في هذا الكون الكبير.

فسبحان الخلاق العليم، وسبحان الرزاق الكريم، المنعم على جميع الخلائق، الفعال لما يريد، وهو على كل شيء قدير، وهو البصير الذي يرى حاجة المرزوق إن لم يطلب، وهو السميع الذي يسمع كلامه إن طلب، الرزاق الذي يرزق من شاء، في أي وقت شاء، وبأي قدر شاء؟.

وهذه الدواب كلها تأكل من رزقه، ولا ينقص ما في خزائنه إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر.

وهذا الكون كله .. سماؤه وأرضه .. ظاهره وباطنه .. ملائكته ودوابه .. إنسه وجنه .. حيوانه وطيره .. كله مخلوق .. والمخلوق مملوك .. محتاج في وجوده إلى ربه .. ومحتاج في بقائه إلى ربه .. ومحتاج في نفعه وضره إلى ربه .. من الذرة إلى الجبل .. ومن القطرة إلى البحر .. ومن النفس إلى الآفاق .. ومن السنبلة إلى الغابات .. ومن النملة إلى جبريل .. ومن الذرة إلى العرش.

كل هذا مخلوق، والمخلوق لا يملك لنفسه فضلاً عن غيره نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، فكل شيء بيد الله، وكل ما سواه محتاج إليه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)} [فاطر: ١٥].

وقال سبحانه: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (١٨٨)} ... [الأعراف: ١٨٨].

والله جل جلاله خلق المخلوقات التي لا يحصيها إلا هو، وفضل بعضها على بعض من أماكن وأزمان، وأشخاص وأحوال، وسلط بعض مخلوقاته على بعض، وقهرها بها.

فخلق الشمس وسلط نورها على الظلام .. وخلق السباع وسلطها على الحيوان، وخلق الجبال تقهر الرياح .. وسلط الحديد على الجبال يقطعها .. وسلط النار على الحديد تذيبه .. وسلط الماء على النار يطفئها .. وقهر الماء بالهواء يرده ..

<<  <  ج: ص:  >  >>