مخلوقاته، أو نسبه إلى الفقر، وهو الغني الذي له ما في السموات وما في الأرض.
ولم يقدره حق قدره من زعم أنه لا يحيي الموتى، ولا يبعث من في القبور، ولا يجمع خلقه ليوم يجازي فيه المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، ويأخذ للمظلوم فيه حقه من ظالمه، ويكرم المتحملين من أجله المشاق بأفضل كرامته: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧)} [الروم: ٢٧].
ولم يقدره حق قدره من هان عليه أمره فعصاه، وهان عليه نهيه فارتكبه، وهان عليه حقه فضيعه، وهان عليه ذكره فأهمله، وغفل قلبه عنه فلم يذكره، وكان هواه آثر عنده من طلب رضاه، وطاعة المخلوق عنده أهم من طاعته، يستخف بنظر الله إليه واطلاعه عليه وهو في قبضته، وناصيته بيده، ويعظم نظر المخلوق إليه واطلاعه عليه بكل جوارحه وقلبه: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (١٤) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (١٦)} [نوح: ١٣ - ١٦].
وما قدر الله حق قدره من يستحي من الناس، ولا يستحيي من الله، فيسكن في أرضه، ويأكل من رزقه، ويبارزه بالمعاصي ليلاً ونهاراً.
ولا قدر الله حق قدره من يخشى الناس ولا يخشى الله، فيخاف من العاجز الذليل، ولا يبالي بالقوي العزيز الذي له ملك السموات والأرض.
ولا قدر الله حق قدره من يعامل الخلق بأفضل ما يقدر عليه، ويعامل الله بأهون ما عنده، إن قام في خدمة من يحبه من البشر قام بالجد والاجتهاد والإتقان، وإن قام في حق ربه قام قياماً لا يرضاه مخلوق من مخلوق مثله، وبذل له من ماله ما يستحي أن يعطيه مخلوقاً مثله.
فهل قدر الله حق قدره من هذا وصفه؟
وهل قدر الله حق قدره من شارك بينه وبين عدوه في محض حقه، من الإجلال