للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا ذرة فيها تنفك عن حكمة .. بل هي أحكم خلقاً .. وأتقن صنعاً .. وأجمع للعجائب من بدن الإنسان كما قال سبحانه: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٥٧)} [غافر: ٥٧].

بل لا نسبة لجميع ما في الأرض إلى عجائب السموات، لسعتها وعظمتها، وعلوها، وما فيها من الملائكة والكواكب، والشمس والقمر كما قال سبحانه {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (٤٧)} [الذاريات: ٤٧].

فالأرض وما فيها من المخلوقات، بالنسبة إلى السموات وما فيها من المخلوقات، كقطرة في بحر، وذرة في جبل.

وكما خلق الله الأرض وجعل فيها الإنس والجن، فكذلك خلق السموات السبع وملأها بالملائكة الذين: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠)} [الأنبياء:٢٠].

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلاَّ وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِداً لِلَّهِ، وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيراً وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إلى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إلى اللهِ» أخرجه الترمذي (١).

ولعظمة خلق السموات قل أن تجيء سورة في القرآن إلا وفيها ذكرها:

إما إخباراً عن عظمتها وسعتها .. وإما إقسامًا بها .. وإما دعاءً إلى النظر إلى خلقها وعظمتها .. وإما إرشاد للعباد أن يستدلوا بها على عظمة بانيها ورافعها .. وإما استدلال منه بربوبيته لها مع وحدانيته .. وإما استدلال بخلقها على ما أخبر به من المعاد .. وإما استدلال بحسنها واستوائها وإمساكها على تمام قدرته وحكمته عزَّ وجلَّ.


(١) حسن: أخرجه الترمذي برقم (٢٣١٢)، صحيح سنن الترمذي رقم (١٨٨٢).
انظر السلسلة الصحيحة رقم (١٧٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>