إن كثيراً من الناس يمرون بهذا المعرض العجيب من المخلوقات، مغمضي العيون .. مقفلي القلوب .. لا يحسون فيه حياة .. ولا يفقهون لغة .. لأن لمسة اليقين لم تحيِ قلوبهم .. وقد يكون منهم علماء يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا.
أما حقيقة الحياة والأحياء فتظل محجوبة عن قلوبهم، فالقلوب لا تفهم الوجود، ولا تفتح أسراره إلا بمفتاح الإيمان، ولا تراها إلا بنور اليقين: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ (١٠٥)} [يوسف: ١٠٥].
والله عزَّ وجلَّ وضع هذه الأرض للأنام كما قال سبحانه: {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (١٠)} [الرحمن: ١٠].
والإنسان لطول استقراره على هذه الأرض، وإلفه لأوضاعها وظواهرها، لا يحس يد القدرة الإلهية التي وضعت هذه الأرض للأنام، وجعلت استقرارنا عليها ممكناً ميسوراً إلى الحد الذي لا نكاد نشعر به، ولا نعلم بعظمة نعمة الله علينا فيه إلا حين يثور بركان، أو يمور زلزال، فيؤرجح هذه الأرض المطمئنة من تحتنا، فتضطرب وتمور: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (١٦)} [الملك: ١٦].
إن البشر لو ألقوا بالهم إلى أنهم محمولون على هذه الهباءة السابحة في هذا الفضاء الكبير، وهي معلقة تسبح في هذا الفضاء، لا يمسكها شيء إلا قدرة الله،