وهو سبحانه الخلاق العليم الذي خلق الرياح الشديدة، والصواعق المهلكة، والزلازل المدمرة، والبراكين المفزعة، والخسوف التي تبلع الأشجار والبيوت والبشر، يصيب بها من يشاء، ويصرفها عمن يشاء، من مؤمن وكافر، ومحسن وظالم: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠)} [العنكبوت: ٤٠].
وخلق سبحانه الجنة وما فيها من النعيم لأهل طاعته، وخلق النار وما فيها من العذاب لأهل معصيته، وخلد هؤلاء وهؤلاء.
والله سبحانه على كل شيء قدير، وقدرته مطلقة.
أحياناً يفعل بالأسباب كما جعل الماء سبباً للحياة، والوطء سبباً للإنجاب .. وأحياناً يظهر قدرته سبحانه بضد الأسباب كما جعل سبحانه النار برداً وسلاماً على إبراهيم .. وأحياناً يظهر قدرته بدون الأسباب كما خلق السموات والأرض: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)} [يس: ٨٢].
فسبحانه ما أعظمه من إله، وما أعظم قدرته، وما أكرمه، وما أحلمه.
إن الله تبارك وتعالى خالق كل شيء، ومالك كل شيء، الخلق خلقه، والملك ملكه، والأمر أمره، وهو الفعال لما يريد.
خلق الماء والنار، وجعل وظيفة الماء الإرواء والإحياء والإغراق، وجعل وظيفة النار الإنارة والإنضاج والإحراق.
وإذا اجتهد الإنسان على الإيمان، وقام بالأعمال الصالحة، وجاء عنده كمال الإيمان والتقوى، فالله يسخر له المخلوقات، ويغير أحوالها بقدرته، فيجعل النافع ضاراً بقدرته، كما جعل الماء الذي هو سبب الحياة سبباً لهلاك فرعون وقومه، وسبباً لنجاة موسى وقومه، في آن واحد، بأمر واحد، في مكان واحد.