للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان عليها وسخرها له من بخار أو ذرة أو وقود، تدفع تلك السفن الضخام، من جعلها قوة في هذا الكون تحرك الجواري في البحر كالأعلام؟.

إن الله تبارك وتعالى هو الذي يسير المخلوقات في البر والبحر، لو شاء أسكن الريح، أو عطل محركات السفن، فظلت هذه الجواري راكدة على ظهر البحر.

وإنها لتركد أحياناً، فتهمد هذه الجواري وتركد كما لو كانت قد فارقتها الحياة، إن في إجرائهن وركودهن على السواء لآيات لكل صبار شكور: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (٨) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (٩)} [الشعراء: ٨، ٩].

فسبحان من خلق المياه، وسقى بها البلاد والعباد.

وسبحان من أسكنها في باطن الأرض، وأجراها في الأنهار، وجمعها في البحار، وحملها في السحاب، وفرقها على النبات والحيوان والإنسان.

وسبحان الكريم الذي ملأ البحر بضروب من الحيوانات والنباتات، واللؤلؤ والمرجان، والجواهر والنفائس.

وما أوسع ملكه .. وما أكثر خلقه وجنوده التي لا يعلمها إلا هو: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١١)} [لقمان: ١١].

وهذا الماء العذب الذي نشربه كل يوم ما دور الإنسان فيه؟.

دوره أنه يشربه وينتفع به، أما الذي أنشأه من عناصره، وأما الذي أنزله من سحائبه فهو الله سبحانه.

وهو سبحانه الذي قدر أن يكون الماء عذباً فكان.

فمتى يشكر الإنسان فضل الله عليه في خلق رزقه وسوقه إليه حيثما كان: {أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠)} [الواقعة: ٦٨ - ٧٠].

فسبحان من جمع المياه العظيمة في السحاب، وأمسكها بقدرته، وسيرها في هذا الكون العظيم، ثم أنزلها على شكل قطرات لا يحصيها إلا الله، وفرقها على

<<  <  ج: ص:  >  >>