للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٧)} [الحج: ٥ - ٧].

فسبحان من غير بالماء الأرض المغبرة، حتى صارت مخضرة.

وسبحان من زينها بالنبات والأزهار، كما زين الإنسان بالثياب والأخلاق.

وسبحان من أنجب منها وأظهر ملايين المواليد من النباتات.

ذلك هو الله الحق الذي لا تنبغي العبادة إلا له، فهو خالق كل شيء، كما ابتدأ الخلق، وكما أحيا الأرض بعد موتها، يحيي الموتى، ثم يجازيهم، وهو على كل شيء قدير.

وهذه الزروع التي تنبت، والأشجار التي تثمر، آية من آيات الله الباهرة، هو الذي خلقها ونمّاها، وأخرج منها الثمار والحبوب، فلكل نبتة، ولكل شجرة، ولكل ورقة، ولكل ثمرة، أمر من الله بالخلق، وأمر بالبقاء، وأمر بالنفع والضر.

أما دور البشر فهم يحرثون، ويلقون الحب الذي خلقه الله في الأرض التي خلقها الله، ويسقونه بالماء الذي خلقه الله، ثم ينتهي دورهم: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧)} [الواقعة: ٦٣ - ٦٧].

إن الحبة أو البذرة تأخذ طريقها إلى الحياة بأمر الله عزَّ وجلَّ .. وتسير فيه سيرة العاقل العارف الخبير بمراحل الطريق .. الذي لا يخطئ مرة كما يخطئ الإنسان في عمله .. ولا ينحرف عن طريقه .. ولا يضل الهدف المرسوم.

فسبحان من خلقها، وسبحان من دبرها، وسبحان من كبرها، وسبحان من صورها.

إن يد القدرة الإلهية هي التي تتولى خطاها على طول الطريق في هذه الرحلة العجيبة التي ما كان العقل ليصدقها لولا أنه أبصرها ورآها.

فأي عقل يصدق، وأي خيال يتصور، أن حبة القمح مثلاً يكمن فيها هذا العود،

<<  <  ج: ص:  >  >>