للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَزِيزٌ (٤٠)} [الحج: ٤٠].

والله قوي عزيز، يفعل ما يشاء، ويخلق ما يشاء، ويغير ما يشاء، يأتي بالفرج بعد الضيق .. وباليسر بعد العسر .. وبالأمن بعد الخوف .. وبالبسط بعد القبض .. وبالعافية بعد المرض .. وبالليل بعد النهار .. وبالحر بعد البرد .. وبالغنى بعد الفقر .. كل يوم هو في شأن: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (٥)} [السجدة: ٥].

وفي غزوة بدر من السنة الثانية للهجرة أراد الله عزَّ وجلَّ أن يظهر قدرته للمؤمنين، ويعلمهم كيف يستفيدون من قدرته بواسطة الإيمان والأعمال الصالحة، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه مع قلة عددهم وكثرة عدوهم، والتقوا بكفار قريش وصناديدهم في بدر، ووقف القليل أمام الكثير، وأولياء الرحمن أمام أولياء الشيطان، وأهل الحق أمام أهل الباطل، فاستغاث النبي - صلى الله عليه وسلم - بربه، وعرض عليه حاله، وحال أصحابه، وحال أعدائه، فأجاب دعاءه، وأمدهم بالملائكة، وكان يكفيهم لهزيمة الكفار ملك واحد كجبريل الذي له ستمائة جناح، جناح منها يسد الافق، والذي رفع قرى قوم لوط إلى السماء ثم قلبها عليهم، ولكن لشدة فرح الله باجتماع المؤمنين لإعلاء كلمة الله، ونصرة دينه، أمدهم بألف من الملائكة كما قال سبحانه: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)} [الأنفال: ٩].

ثم أمدهم بثلاثة آلاف، ثم بخمسة آلاف كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (١٢٤) بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (١٢٥)} [آل عمران: ١٢٣ - ١٢٥].

ثم بين الله للمؤمنين أن هذا المدد العظيم من الملائكة بشرى للمؤمنين لتطمئن قلوبهم، مذكراً لهم أن النصر حقاً من الله وحده كما قال سبحانه: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>