للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك بعث الله إليه خيار الناس وهم الأنبياء، ليقتدي بهم.

فمن اتبعهم وسار على هديهم أفلح ونجا في الدنيا والآخرة.

ومن خالفهم وسار على هواه ضل وخسر في الدنيا والآخرة.

فسبحان العليم الحكيم، السميع البصير، الذي خلق الإنسان ورعاه ورباه، وهو جنين في بطن أمه، وجعله في موضع صغير، لا يد تناله، ولا بصر يدركه.

وسبحان من أجرى له الدم من الأم، يتغذى به كما يتغذى النبات بالماء، فينمو تدريجياً حتى يصير بشراً سوياً.

وسبحان من قلب ذلك الدم بعد الولادة لبناً خالصاً.

حتى إذا كمل خلقك، وقوي بدنك على مباشرة الهواء، واستعد بصرك لملاقاة الضياء، وصلبت عظامك على مباشرة الأيدي، هاج الطلق بأمك بأمر العزيز الحكيم، وجاءت الأوامر بخروجك.

فخرجت من الظلمات إلى النور .. ومن دار الأمن إلى عالم الابتلاء .. فبينما الرحم مبتهجٌ بحملك .. صار يعج إلى ربك من ثقلك.

فسبحان الذي فتح لك بابه حتى ولجت .. ثم ضمه عليك وحفظك فيه حتى كملت .. ثم فتح لك الباب ووسعه حتى خرجت منه كلمح البصر .. لم يخنقك ضيقه .. ولم تحبسك صعوبة طريقه.

وسبحان من صرف ذلك اللبن الذي كنت تتغذى به في بطن أمك إلى خزانتين معلقتين على صدرها، تحمل غذاءك على صدرها، كما حملتك في بطنها، وساقه إلى تلك الخزانتين أعظم سوق وألطفه، فهي بئر مملوءة بالحليب، تشرب منها كلما ظمئت وجعت لبناً خالصاً سائغاً.

فتبارك الكريم الرحيم الذي خلقه وصفاه، وأطاب طعمه، وحسن لونه، وأحكم طبخه، ليس بالحار المؤذي، ولا البارد القارس، ولا المر ولا المالح، ولا الكريه الطعم والرائحة، بل هو أحسن ما يكون.

وجعله في أعلى مكان ليناسب حالك، فإذا اشتهيت اللبن در لك الثدي بإذن

<<  <  ج: ص:  >  >>