للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آيتان خلاف العقل والمألوف:

الأولى: اضرب البحر يخرج الحجر اليابس .. والثانية: اضرب الحجر يخرج الماء السائل .. فسبحان القدير الذي يفعل ما يشاء.

وتوضأ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديبية من إناء، فجهش الناس من شدة العطش، فماذا فعل الله لإرواء رسوله والمؤمنين معه؟.

عن جابر - رضي الله عنه - قال: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ فَتَوَضَّأ، فَجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقال: «مَا لَكُمْ» قالوا: لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأ وَلا نَشْرَبُ إِلا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أصَابِعِهِ كَأمْثَالِ الْعُيُونِ، فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا، قُلْتُ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قال: «لَوْ كُنَّا مِائَةَ ألْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً» متفق عليه (١).

فمتى نستفيد من قدرة الله؟ ... ومتى نستفيد من خزائن الله؟.

والنار خلقها الله تذكرةً ومتاعاً للمقوين، وإذا اشتعلت وأرسلت عليها الرياح فمن ذا يطفئها؟ ومن ذا يقف لها؟ ومن ينجو منها؟

وقد أرسل الله النار على أصحاب الأيكة لما كفروا بالله، وكذبوا شعيباً، فأحرقتهم مع أموالهم التي اكتسبوها بالحرام كما قال سبحانه: {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٨٩)} [الشعراء: ١٨٩].

فأحرق الله الكافرين، وأنجى المؤمنين، بنار واحدة، وأمر واحد: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٩٠) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٩١)} [الشعراء: ١٩٠، ١٩١].

وأشعل الكفار ناراً عظيمة لإحراق خليله إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -، فماذا فعل الله بها؟: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (٦٨) قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (٧٠)} [الأنبياء: ٦٨ - ٧٠].

لقد توجه إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - بكليته إلى ربه، ولم يلتفت إلى أحد سواه، فأمر الله النار


(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٣٥٧٦)، واللفظ له، ومسلم برقم (١٨٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>