يتصرف في الكون كيف يشاء، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
فكم لله من حكمة في هدم هذه الدار .. ودلالة على كمال قدرته وقوته .. وعظمة عزته وسلطانه.
فسبحان من انقادت المخلوقات بأسرها لقهره، وأذعنت لجبروته، وخضعت لمشيئته، وكلها بيده أصغر من الخردلة: {فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٣٦) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣٧)} [الجاثية: ٣٦، ٣٧].
والله عزَّ وجلَّ خلق الناس ليعبدوه، ولا يمكن لهم أن يعبدوه إلا إذا عرفوه. فيجب على كل إنسان أعطاه الله عقلاً يدرك به حقائق الأشياء أن يعرف:
ربه .. ونفسه .. ودنياه .. وآخرته.
فإذا عرف العبد ربه: نشأ من ذلك محبة الله وتعظيمه، وطاعته، والتوكل عليه.
وإذا عرف نفسه: نشأ من ذلك الحياء والخوف من الله، والتواضع له، والافتقار إليه، والتوكل عليه.
وإذا عرف الدنيا، وسرعة زوالها؛ نشأ من ذلك شدة الرغبة عنها.
وإذا عرف الآخرة، وكمال نعيم الجنة، نشأ من ذلك شدة الرغبة فيها، والمسارعة إلى الأعمال التي توصل إليها.
وإذا عرف شدة عذاب النار: نشأ من ذلك شدة الفرار منها بالحذر من الشرك والمعاصي.
والدين خطوتان: خطوة للعبادة .. وخطوة للدعوة .. ومصباحهما العلم .. ومحركهما الإيمان .. فمن خطاهما معاً .. أدى الأمانة .. ووصل إلى الجنة.
والدنيا مجلسان: مجلس في طلب الآخرة .. ومجلس في طلب الحلال.
والثالث يضر لا ينفع فاجتنبه.
والدنيا والآخرة ضرتان إن ملت إلى إحداهما أضررت بالأخرى، وبينهما في