في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فله أجره وثوابه عند ربه كما قال سبحانه: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩)} [الإسراء: ١٩].
وكل واحد من هؤلاء .. وهؤلاء، يمده الله من عطائه ونعمه، لأنه عطاؤه وإحسانه يتفضل الله به على المؤمنين والكفار، وأهل الطاعة والمعصية، لا تؤثر معصية العاصي في قطع رزقه، بل جميع الخلائق يأكلون من رزقه، راتعون في فضله وإحسانه: {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (٢٠)} [الإسراء: ٢٠].
وحب الدنيا رأس كل خطيئة.
ومقاطعتها إما أن تكون بانزوائها عن العبد ويسمى ذلك فقراً .. وإما بانزواء العبد عنها ويسمى ذلك زهداً .. ولكل واحد منهما درجة في نيل السعادات.
والدنيا ليست محذورة لعينها، فهي مكان وزمان العمل والعبادة، والدعوة والجهاد، وإنما تذم لكونها عائقة عن الوصول إلى الله تعالى، والعمل بشرعه.
والفقر ليس مطلوباً لعينه، بل لأن فيه فقد العائق عن الله تعالى، وعدم التشاغل به، وفراق المحبوب شديد.
فمن أحب الدنيا كره لقاء الله تعالى، ومن أحب الله تعالى اشتغل بما يحب، وهجر ما يكره، وأحب لقاء الله تعالى.
وقد خلق الله بطن الأم لخلق الإنسان، وتكميل أعضائه وجوارحه.
وخلق الدنيا لتكميل الإيمان والأعمال الصالحة.
وخلق الآخرة لتحقيق القسط والعدل الإلهى، وتكميل الشهوات، وإبلاغ البشرية إلى آفاقها العليا في النعيم والخلود.
والله تبارك وتعالى خلق الخلائق، وكتب الآجال، وقسم الأرزاق، وهو الحكيم الخبير، يعطي الدنيا لأعدائه ليتمرغوا فيها، فتركبهم وتذلهم، ويمنعها عن