فهذه الأجناس في السموات والأرض وما بينهما، أصناف وأنواع لا يحصيها إلا الله {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣)} [الأعلى: ٢، ٣]
وجميع هذه المخلوقات مجال الفكر والتفكر .. والنظر والتدبر .. والاعتبار والاستبصار.
فلا تتحرك ذرة في السماء والأرض من ملك وإنسان .. وحيوان ونبات .. وماء وجماد .. ولا فلك ولا كوكب .. إلا والله تعالى هو محركها ومجريها.
وفي حركتها حكم وأسرار، وكل ذلك شاهد لله بالوحدانية، ودال على عظمته وجلاله، وحكمته وقدرته، وآلائه وإحسانه، وعظمة ملكه وسلطانه.
ففي خلق الإنسان من نطفة عجائب تدل على عظمة الخالق.
وفي خلق الحيوان وأصنافه وأنواعه وألوانه، آيات وعجائب تدل على عظمة المصور، وكمال قدرته.
ففي طيور الجو، وحيوانات البر، ودواب الأرض، وأسماك البحر، من العجائب ما تنقضي الأعمار في الوقوف على بعضه، وكلها تدل على عظمة خالقها، وقدرة مقدرها، وحكمة مصورها.
وفي خلق النمل والنحل وغيرها من صغار الحشرات ما يبهر العقول سواء كان في تكاثرها، أو بناء بيوتها، أو جمع غذائها، أو طباعها.
وما من حيوان صغير ولا كبير إلا وفيه من العجائب ما لا يحصى.
وعجائب البحر كعجائب الأرض وما فيها، بل ما فيه من النبات والحيوان والجواهر أضعاف عجائب ما تشاهده على وجه الأرض، كما أن سعته أضعاف سعة الأرض.